هذه سلسة بدأتها مع بداياتي في المدوّنة، ثم أوقفتها -لا أعلم لماذا-، ويسرّني اليوم أن أستأنفها من جديد، وهي فرصة لنرتاح من السياسة وهمّها و"عوار راسها"، ونبحر بعيداً عنها -ولو مؤقتاً حتى- لنرى البحار الأخرى المحيطة بنا .
------------------------------------
السَّمَوْأَل، شاعر عربي جاهلي يهودي، قد لا يكون مشهوراً كامرئ القيس، أو طرفة بن العبد، أو حتى عنترة بن شداد، ولكنه أفضلهم من وجهة نظري ... فلنتعرف عليه .
هو السموأل بن غريض بن عادياء الأزدي، أو كما يعرف بـ السموأل بن عادياء، شاعر عربي جاهلي، يهودي الديانة، من سكان خيبر . يضرب فيه المثل بالوفاء فيقال: أوفى من السموأل . له حصن اشتهر به يسمى الأبلق في تيماء .
قصته التي من أجلها أصبح مثلاً للوفاء، أن امرؤ القيس الكندي حينما قُتل والده أراد الذهاب إلى الروم ليستنجد بقيصر لمعاونته على الثأر من قتلة والده، فأودع أدرعه وأهله لدى السموأل في حصنه الأبلق وسافر .
فسمع بذلك أحد ملوك غسان يقال أنه الحارث بن أبي شمر، فحاصر السموأل في حصنه وطلب منه أن يسلمه أدرع امرؤ القيس، حيث أنه كان يشاع أنها أدرع لا تقدر بثمن .
فرفض ذلك السموأل رفضاً قاطعاً، فظلّ الملك محاصراً الحصن فترة حتى مل وهمّ بالرجوع، فإذا بابن السموأل وهو عائد للتو من رحلة صيد، فأسره الملك ونادى السموأل قائلاً : هذا ابنك معي فإما أن تسلمني ما لديك وإما أقتله .
فرد عليه السموأل : لا أخفر ذمتي ولا أسلم مال جاري، فافعل ما شئت .
فقتله الملك أمام عيني أبيه السموأل ورحل، فقال السموأل في ذلك :
وفيت بأدرع الكندي إني = إذا ما ذم أقوام وفيت
فأصبح يضرب المثل بوفاء السموأل بعد هذه الحادثة، ذلك الرجل الذي رضي أن يقتل ابنه أمام عينه على أن يخون الأمانة ويخفر الجوار .
ومن أشهر قصائده وأجودها وأحلاها وأروعها معنى وحكمة وافتخار وعز، قصيدته المسمّاة لاميّة السموأل، والتي كان سبب القصيدة حينما أجار السموأل الأميرة ابنة الملك العربي المشهور النعمان بن المنذر، حينما لاحقها الفرس بعد قتل أبيها، فحينما رأت السموأل وعدد قبيلته القليل مقارنة مع جيوش كسرى الجرّارة خافت وعيّرته بقلة عددهم وأنهم لن ينصروها، فلم ينثني عن إجارتها وأباد نفسه وقبيلته عن آخرها في الدفاع عنها، وكانت قصيدته سبب في توّحد العرب لأول مرة في تاريخهم لقتال الخطر الفارسي آنذاك، فهزموا جيوش الفرس واستعادوا كرامتهم وكرامة النعمان بن المنذر وابنته .
( والنعمان بن المنذر في قصته مع الفرس عجائب مليئة بالعزة والكرامة والشرف والحميّة العربية الأصيلة، قد أتطرق لها لاحقاً )
وهذه هي القصيدة :
إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ
فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها
فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ
تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنا
فَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ
وَما قَلَّ مَن كانَت بَقاياهُ مِثلَنا
شَبابٌ تَسامى لِلعُلى وَكُهولُ
وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا
عَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ
لَنا جَبَلٌ يَحتَلُّهُ مَن نُجيرُهُ
مَنيعٌ يَرُدُّ الطَرفَ وَهُوَ كَليلُ
رَسا أَصلُهُ تَحتَ الثَرى وَسَما بِهِ
إِلى النَجمِ فَرعٌ لا يُنالُ طَويلُ
هُوَ الأَبلَقُ الفَردُ الَّذي شاعَ ذِكرُهُ
يَعِزُّ عَلى مَن رامَهُ وَيَطولُ
وَإِنّا لَقَومٌ لا نَرى القَتلَ سُبَّةً
إِذا ما رَأَتهُ عامِرٌ وَسَلولُ
يُقَرِّبُ حُبُّ المَوتِ آجالَنا لَنا
وَتَكرَهُهُ آجالُهُم فَتَطولُ
وَما ماتَ مِنّا سَيِّدٌ حَتفَ أَنفِهِ
وَلا طُلَّ مِنّا حَيثُ كانَ قَتيلُ
تَسيلُ عَلى حَدِّ الظُباتِ نُفوسُنا
وَلَيسَت عَلى غَيرِ الظُباتِ تَسيلُ
صَفَونا فَلَم نَكدُر وَأَخلَصَ سِرَّنا
إِناثٌ أَطابَت حَملَنا وَفُحولُ
عَلَونا إِلى خَيرِ الظُهورِ وَحَطَّنا
لِوَقتٍ إِلى خَيرِ البُطونِ نُزولُ:
فَنَحنُ كَماءِ المُزنِ ما في نِصابِنا
كَهامٌ وَلا فينا يُعَدُّ بَخيلُ
وَنُنكِرُ إِن شِئنا عَلى الناسِ قَولَهُم
وَلا يُنكِرونَ القَولَ حينَ نَقولُ
إِذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدٌ
قَؤُولٌ لِما قالَ الكِرامُ فَعُولُ
وَما أُخمِدَت نارٌ لَنا دونَ طارِقٍ
وَلا ذَمَّنا في النازِلينَ نَزيلُ
وَأَيّامُنا مَشهورَةٌ في عَدُوِّنا
لَها غُرَرٌ مَعلومَةٌ وَحُجولُ
وَأَسيافُنا في كُلِّ شَرقٍ وَمَغرِبٍ
بِها مِن قِراعِ الدارِعينَ فُلولُ
مُعَوَّدَةٌ أَلّا تُسَلَّ نِصالُها
فَتُغمَدَ حَتّى يُستَباحَ قَبيلُ
سَلي إِن جَهِلتِ الناسَ عَنّا وَعَنهُمُ
فَلَيسَ سَواءً عالِمٌ وَجَهولُ
فَإِنَّ بَني الرَيّانِ قَطبٌ لِقَومِهِم
تَدورُ رَحاهُم حَولَهُم وَتَجولُ
فأين نحن اليوم من رجال كـ السموأل بن عادياء ؟
حقوقي ،
هناك 10 تعليقات:
كثر من طلعات البحر :)) ...خوش موضوع
جميل
نتمنى أن تستمر السلسلة
سامي /
لووول
حاضرين :)
مشكور،،
حياك الله
بوك مارك /
اشكرك :)
ان شاء الله مستمر بدعمكم ،
الله عليك
مدونتك رائعة
اجد فيها راحة البال
حتى لو ما علقت
لازم مرها
تحياتي لك
عنصر وطني /
الله عليك
اخجلت تواضعي ^_^
يا هيك تعليقات يا بلا P:
شكرا شكرا شكرا من القلب
يشرفني ويسعدني تواجدك الدائم
منورنا :)
السلام عليكم
عيَين خير يا حقوقي تر للحين في ناس وفية ةتسلم على هالمجهود الرائع على الموضوع الطيب من يد أطيب
تقبل مني اجمل التحيات
مشاري السندي
مشاري السندي/
اهلا بصديق المدونة الصدوق :)
حي الله السندي
في يا السندي بس قلة قلييلة لا تكاد ترى
للاسف ...
حياك الله ،
لا تقاطع :)
ههههههههه اي عدل
يبيلك مجهر
تقبل تحياتي
مشاري السندي
لوووول
مو مجهر عااد P:
إرسال تعليق