قد يكون موضوع الأحزاب السياسية في الكويت استُهلك طرحاً ونقاشاً ، ولكن لعلّ الوضع اليوم اختلف ، والنظرة اختلفت كذلك .
لقد كنت من أشد المعارضين لمبدأ الأحزاب السياسية في الكويت ، ولكن بعد الأحداث الأخيرة التي حدثت بدأت أغير قناعتي ونظرتي للموضوع .
قد يكون الحل لجميع مشاكلنا السياسية ، بالأحزاب السياسية ، على غرار حملة "الحل بالترشيد" سأحاول أن أطلق فكرة "الحل بالأحزاب" .. علّها تجد من يقتنع بها .
بعد إستجواب وزير الإعلام ، رأينا أحداث كثيرة ، رأينا كيف "طلّق" بعض النواب كرسي المجلس بالثلاث مقابل بعض المصالح الشخصية ، ورأينا كيف يحاول البعض الآخر أن "يقص" على الشعب بأكاذيب لا تنطلي على الأطفال بعد أن "قبض" وغير موقفه .
نرى اليوم أن هناك من النواب ما يعتبر من قبيل زيادة العدد في المجلس ، فمنذ دخوله المجلس لم نسمع صوته ولم يقدم اقتراحات ولم يقدم أسئلة ... وجوده وعدمه واحد .
ونرى كذلك بعض النواب اليوم يتبعون مبدأ "الحكومة أبخص" ، هذا المبدأ الذي انقرض من قواميس الشعب الكويتي منذ فترة طويلة ... لأنهم علموا أن الحكومة "ما تدري وين الله قاطها" ... ولكن للأسف بعض النواب ما زال متمسكاً بهذا المبدأ .
قد يكون الحل لكل هذا بإطلاق الأحزاب السياسية بالكويت ، فلو كانت العملية التشريعية أو السياسية منظمة بأحزاب سياسية هل سنرى من يطلّق كرسي المجلس ويضرب -بالشعب عامة وبناخبيه خاصة- عرض الحائط ؟
هل سنرى من يقسم ويحلف على محاسبة وزير ثم يغيّر رأيه بين ليلة وضحاها ويبرر ذلك بأن أحداً ما قام بلَيْ ذراعه ؟
هل سنرى من يظل ينجح لسنوات وسنوات بل ويترأس مجلسة الأمة من دون أن يتقدم بإقتراح واحد بقانون طوال هذه السنين ؟ مجرد ماخذ السالفة وجاهة و"كشخة" ؟
هل سنرى مثل هذه المشاكل بعد تشريع قانون ينظم الأحزاب السياسية بالكويت ؟
أنا هنا لست أتكلم عن الوضع القانوني والدستوري للأحزاب ، لأن الكثير قبلي تكلموا به ، وكما تعلمون فالدستور الكويتي لم يمنع ولم ينص كذلك على الأحزاب السياسية ، بل ترك الأمر للمشرع العادي متى ما رأى أن الوضع مناسب لذلك كما ورد في المذكرة التفسيرية .
ولكن الكثير -وأنا كنت منهم- ممن يعارضون موضوع الأحزاب السياسية ، يبررون ذلك بأسباب منها :
1- وجود بعض الآيات القرآنية التي تحرم التفريق بين المسلمين .
وهذا مردود عليه حيث أن التفريق الذي تذكره هذه الآيات الكريمة إنما يتحدث عن التفريق بالدين ، كقوله تعالى :" واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " سورة آل عمران . والآية الكريمة هنا وحتى إن لم تتحدث عن التفرقة بالدين ، وإنما التفرقة بشكل عام ، فإن مفهوم الأحزاب السياسية لا يقوم على التفرقة ، بل يقوم على تنظيم العمل السياسي في الدولة ولا يعني بالضرورة التفرقة .
2- وجود أمثلة للأحزاب السياسية في الدول المجاورة تخوّف من الأخذ بالأحزاب السياسية بالكويت .
وهذا أيضا مردود عليه حيث أن الأحزاب السياسية في الدول المجاورة بنيت على أرضية مختلفة تماماً عن الأرضية الموجودة في الكويت ، فتلك الدول لا تملك الديمقراطية التي نملكها ، ولا تملك الحريات التي نملكها ، ونسيجها الإجتماعي يختلف عن مجتمعنا ، وبالتالي فإن المقارنة ستكون قمة في الظلم ، والنتيجة ستكون مختلفة بالتأكيد .
3 - قول البعض بأن الأحزاب تجعل ولاء أعضاء الحزب للحزب في المرتبة الأولى ، ثم للدولة وللأمير .
وهذا كذلك قول مردود عليه ، حيث أننا نرى اليوم في الحياة السياسية "شبه أحزاب" ، ومع ذلك ولاءاتهم للكويت ، ونرى أفراد يعملون مستقلين "شكلياً" وولاءاتهم لأطراف أخرى غير الدولة . فولاء الشخص لن يؤثر عليه حزب ، والذي لا ولاء له لن يغير الإستقلال منه شيئاً .
كذلك من الأمور التي ستساهم الأحزاب السياسية بالقضاء عليها ، هو القضاء على المال السياسي في الإنتخابات ، لأن وجود الأحزاب يتطلب وجود كشوفات تبين مصادر تمويلها ، وبالتالي سنعرف كل حزب من أين يموّل وماهي ميزانيته ، ولن تستطيع الحكومة اللعب بالمال السياسي بالإنتخابات .
وأيضاَ ، ستساهم الأحزاب بتحسين "نوعية" أعضاء مجلس الأمة ، فلن نرى أعضاء "قاعدين بالمجلس ما يدرون شالطبخة" ، بل على العكس تماماً سنرى أعضاء مثقفين واعين متعلمين يديرون العملية التشريعية بكفاءة .
لو أعدنا النظر ، وفكرنا مرة أخرى ، في ظل الظروف الراهنة ، والأوضاع الحالية ، سنجد أن الموضوع يستحق الطرح . لو "تخيّلنا" وجود أحزاب سياسية بالكويت أثناء إستجواب وزير الإعلام ، هل كان سيصاحب الإستجواب كل تلك الأحداث التي حصلت ؟
موضوع يستحق إعادة النظر ... بفهموم جديد ونظرة مختلفة .
فقد يكون الحل أمامنا ونحن نغفل عنه .. قد يكون الحل بالأحزاب .
حقوقي ،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق